بمناسبة قراء القرآن الكريم إليكم هذه النصائح في تحسين الصوت عند تلاوة القرآن:
[b]ثَمرةُ تحسينِ الصوتِ بالقرآن :[/b]
لا ريبَ أنَّ الصوتَ الحسنَ يأسِرُ القلوبَ بِحَلاوَتِه، ويحملُ الأسماعَ على مُتابَعَتِه والتعلُّقِ به ، ولذلك استحَبَّ العلماءُ أن يكون المؤذِّنُ حسنَ الصوت؛ وقد أمرَ النبيr أبا مَحْذُورَة الجمحي أن يُلقِيَ الأذانَ على بلالٍ ، مع أنه "كان مِن أندَى الناسِ صَوتاً وأطْيَبِه ، قم مع بلال فألق عليه ما رأيتَ ، فليؤذن به ، فإنه أنْدَى صوتاً منك ( ).وأيضا: فإنه أندى وأمَدُّ صوتاً منك .
أي: أحسن صوتاً منك. وفيه دليلٌ على استحبابِ اتخاذِ مؤذنٍ حَسنِ الصوتِ.
فالصوتُ الحسنُ يزيد مِن شُعُورِ المسلم بجمالِ القرآن ، ويجلب الخشوعَ والخضُوع، ويُعِينُ على التدبُّرِ والتفكُّرِ، ويبعثُ على جَمعِ القلبِ على معاني القرآن ، فعن البراءِ بن عازبt قال: قال رسولُ اللهr: (زَيِّنُوا القرآنَ بأصواتكم) ( ).
وفى السند المتصل لابن الجزري بأبي عثمان النهدى قال : صلى ابن مسعود الغرب بـ (قل هو الله أحد) ووالله لوددت أنه قرأ بسورة البقرة، من حسن صوته وترتيله.
قال ابن الجزري : وهذه سنة الله تبارك وتعالى فيمن يقرأ القرآن مجودا مصححا كما أنزل، تتلّذذ الأسماع بتلاوته ،وتخشع القلوب عند قراءته ، سر من أسرار الله تعالى يودعه من يشاء من خلقه ،ولقد أدركنا من شيوخنا من لم يكن له حُسن صوت ولا معرفة بالألحان ، إلا أنه كان جيد الأداء ، قيما باللفظ ،
فكان إذا قرأ أطرب المسامع ،وأخذ من القلوب بالمجامع ن وكان الخلق يزدحمون عليه ، ويجتمعون على الاستماع إليه ( ).
ولذلك كان مِن هَدْيِ السلفِ الصالِحِ سَماعُ القرآنِ مِمَّن أُوتِيَ الصوتَ الحسن. وقد ذكرَ العلماءُ أنَّ أبا موسىt "كان أحسنَ أصحابِ رسولِ اللهr صَوتاً ، وروى عن علقمةt قال: (كنتُ رجلا أعطاني الله عزَّ وجلَّ حُسْنَ الصوتِ بالقرآن، وكان ابنُ مسعود يُرسِلُ إلَيَّ فأقرأ عليه ، فإذا فرَغتُ من قراءتي قال: زِدْنا فِداك أبي وأمِّي ، فإني سمعتُ رسولَ اللهr يقول: (إنَّ حُسنَ الصوتِ زِينةُ القرآن.
وروى أن عمرُt كان يُقدِّمُ الشابَ الحسنَ الصوت ، لِحُسْنِ صَوتِه بين يَدَيْ القوم( ).
و كان عمرt إذا رأى أبا موسىt قال : ذكرنا ربنا يا أبا موسى فيقرأ عنده.
قال أبو عبيد :روى عن أبى عثمان النهدى كان أبو موسى يصلى بنا، فلو قلت أنى لم أسمع صوت صنج قط، ولايربط قط، ولا شيئا قط؛ أحسن من صوته( ).
ضَوابطُ تحسينِ الصوت بالقرآن :
أولاً: أن يكون التحبيرُ خالِصاً لِوَجهِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فليس تَحسِينُ الصوتِ بالقرآن رياءَ الناس، ولِيُقالَ قارئ ، نعوذ بالله من ذلك.
وقال مالك بن مغول عن أبي بريدة عن أبيه قال : خرجت ليلة من المسجد فإذا النبي عند باب المسجد قائم ، وإذا رجل في المسجد يصلي. فقال لي : يا بريدة أتراه يرائي ؟ قلت : الله ورسوله أعلم. قال : بل هو مؤمن منيب،ثم قال : لقد أعطي هذا مزمارا من مزامير داود. فأتيته فإذا هو أبو موسى ، فأخبرته( ).
ثانياً: مُراعاةُ الاعتدالِ والبُعدُ عن التمطيط ، قال الشافعي رحمه الله : قال الله لنبيهr : .....وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ( ). فأقلُّ الترتيلِ تركُ العَجَلة في القرآنِ عن الإبانةِ، وكلما زاد على أقلِّ الإبانةِ في القرآن ، كان أحبَّ إلَيَّ ما لم يبلُغ أن تكونَ الزيادةُ فيه تَمطِيطاً( ).
ثالثاً: مُراعاة الخشوع: فقد روى عن الشافعي قوله في تفسير حديث:{ ليس مِنا مَن لم يتغن بالقرآن}.قال: يتحزَّن به ويترنَّمُ به ( ). يريدُ تحسينَ القارئ صَوتَه أنه يَمِيلُ به نحو التحزينِ دون التطريب.فالعبرةُ بالخشوع والتدبُّر، وما أحسَنَ ما روى عن طاووسt قال: سئل النبيr: أيُّ الناسِ أحسنُ صوتاً للقرآن وأحسنُ قراءة؟ قال: مَن إذا سَمِعتَه يقرأ؛ أُرِيتَ أنه يَخشَى الله ( ).
رابعاً: أن لا يكون القصدُ من تحبيرِ القراءةِ التطريبَ كما يصنع أصحابُ الأغاني، قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة رحمه الله: "معنى الترجيع تحسين التلاوة، لا ترجيع الغناء، لأن القراءةَ بترجيعِ الغناء تنافِي
الخشوعَ الذي هو مقصودُ التلاوة .
خامساً: أن لا يكون تحبيرُ الصوتِ بالقرآنِ بغرضِ التكسُّبِ وابتغاء العَرضِ الزائلِ الذي يُوقِعُ القارئ في إتباع الهوى والتلاعب بالقراءة ، لِكَسبِ إعجابِ الجهَلةِ والرُّعاع، فالقرآن إذا قرئ قراءة صحيحة أحب القارئ العلم والجاهل ،وإذا قرئ خلاف ذلك أحب القارئ الجاهل وأبغضه العالم.
ولا يخفى أنَّ تحسينَ الأصواتِ مسألةٌ نِسبيةٌ، تختلف باختلافِ الأذواقِ، وقد يتوهم بعضُ الناسِ أنَّ صوتَه من القبح بحيث لا يمكنه أن يُحَسِّنَه، وهذا خِلافُ الحقيقة ، فقد كان السلف يُحسِّنون أصواتَهم قدرَ ما يستطيعون ، فقد سئل ابن أبي مليكة: أرأيتَ إنْ لم يكنْ حَسنَ الصوت؟ قال: يُحسِّنُه ما استطاع .
وعلى ذلك يجب على المسلم : أن يتَذَكَّرْ ما يَبذلُه أهلُ الدنيا واللهوِ من الجهد في صناعةِ الألحانِ، والاجتهاد في قوانينِ الغناءِ، مع أنهم لا يرجون عليه ثواباً ، فما بالنا لا نتغنَّى بالذِّكرِ الحكيم؟ ولا نعتني بتحبيرِ كلامِ ربِّ العالمين؟ .
إنَّ التقــيَّ لربِّــــهِ متـنـــــزِّهٌ عن صَوتِ أوتارٍ وسَمْعِ أغانِ
وتلاوةُ القرآنِ من أهلِ التُّقــى سِيما بحُسْنِ شَجاً وحُسْنِ بيانِ
أَشْهَى وأَوْفَى للنفوسِ حَلاوةً مِنْ صَوْتِ مزمارٍ ونَفْرِ مَثـانِ
وحنينُهُ في الليلِ أطْيَبُ مَسْمَعٍ مِنْ نَغْمَـةِ النَّايَاتِ والعِيـدَانِ( ).
قواعد مهمة لتحسين الصوت عند تلاوة القرآن الكريم :
أولاً : سجل صوتك ثم استمع إليه بموضوعية وحاول أن تجرب أكثر من نبرة، جرب تلاوة القرآن بأكثر من طريقة وبسرعات مختلفة وبطبقات صوت مختلفة وتدرب على ذلك.
إن قوة صوتك من الأشياء المهمة التي يجب أن تتدرب عليها ، عليك أن ترفع وتخفض من صوتك حتى تتمكن من التحكم في قدرتك على تنويع قوته ، ويفيدك فائدة قيمة وهي أن تصبح مجيدا للتحكم في طبقات صوتك ، وتذهب عنك الغصة أو الخنقة التي تحدث للبعض عند التلاوة .
ثانياً : حاول أن تتكلم بسرعة تسعين كلمة في الدقيقة ، فهذا هو متوسط الكلام الطبيعي، ثم اسأل أصدقاءك عن رأيهم في سرعة إلقائك.
ثالثاً : اقرأ بوضوح مخارج الحروف وصفاتها ، وتدرب على الكلمات صعبة النطق حتى تتقنها ،وخاصة الكلمات التي فيها حروف التفخيم {الاستعلاء} المجموعة في قول بن الجزري في طيبة النشر:
................. وسبع عُلوٍ { خُص ضغـط قـظ } حصر.
وكذا حروف الهمس المجموعة في قوله :
مهموسها { فحثه شخص سكت} .........................
رابعاً : احرص على النطق الصحيح لحروف القلقلة { قطب جد} فهي بمثابة ضبط الإيقاع فى التلاوة ، دقق في نطقها إذا كانت في وسط الكلمة { يقْتلون}،أو إذا كان موقوفاً عليها وهى غير مشددة {الحسابْ} ، أو موقوفاً عليها وهى مشددة {الحقّْ } .
خامساً: أما حروف المد الثلاثة { واى } فهي المزمار الحقيقي عند تلاوة القرآن ، فلو أتقنها القارئ ، فلم يزدها ولم ينقصها عن حقها ، وصلت قراءته القلوب قبل الآذان.
سادساً :اجعل صوتك يتناغم مع المعنى ، فإذا تناغم الصوت مع المعنى والروح يصبح لديك بصمة خاصة في تلاوة القرآن الكريم وتصبح تلاوتك متميزة ، مثل الشيخ: {عبد الباسط عبد الصمد ، مصطفى إسماعيل ، عبد الرحمن الحذيفى، إبراهيم الأخضر،عبد الله بصفر، وغيرهم}.
سابعاً : استفد من قانون التنفس واستغل قدراتك الصوتية فكل إنسان لديه إمكانا ت عظيمة ، وذلك بأن تأخذ نفسا عميقا من الأنف ، فهذا يعطيك طاقة في القوة وفي التحكم بطبقات صوتك 0
ثامناً: ا حرص في تلاوة القرآن على إخراج الحروف من مخارجها الصحيحة ، وأن تكون التلاوة من الفم ما عدا حرف الغنة {الميم والنون } ، فانتبه لذلك ، فالكثيرون يخرجون غالب الحروف من الأنف ، ظنا منهم أن ذلك يحسن التلاوة ، فيقعون في خطأين خطأ في التجويد وخطأ في فنيات الأداء .
تاسعاً : اسأل المقربين منك إن كانوا قد لاحظوا أي حشرجة مزعجة في صوتك، بل الأفضل لك أن تبحث عن ذلك بنفسك ، أرهف سمعك لصوتك فقد تفاجأ بما تسمع.
عاشراً: اهتم بصوتك وحلقك ،فهما نعمة من الله تعالى، فإن الصوت المتعب بحاجة إلى الراحة وإلى الترطيب، عليك أن تجرب شرب ماء دافئ محلى بالعسل أو مضغ بعض حبات الزبيب ، أو بعض الحبوب الطبيعية المصاصة ذات طعم النعناع ، وانتبه فلا تتنفس من فمك كثيرا لأن هذا يجفف الحبال الصوتية ، وتدرب على أن يكون تنفسك دوما من أنفك. { تعلم كيف تحسن صوتك للدكتورالغوثانى بتصرف} .[img][/img]